تدوينات

ليلُ رجلٍ مخذول

أوّلاً كان صوتك…
يتدفّق كالخمر من شفتيكِ إلى أُذنيّ. أعيدُ الجرعة مرةً أخرى. حلال، أقسمُ بأنهُ حلال. جرعةٌ أخرى.

أترنّح.

استقيم.

يتدفقُ صوتك.

تدور الأرض تحتي.

أغلق هاتفي فأصحو.

كانت كفّكِ ملوّنة الأطراف تحمل كوب القهوة، تمسكه بحرصٍ، كما تمسك قلبي وتمزّقه أشلاءً… تبعثره قطعاً. أشعر بخواء صدري. أتوجسّ من موضعه فيّ، ومن موطئ قدميّ. تسحبين الأرض من تحتي.

أسقطُ.

لست أرتطم.

أظل أسقط وأسقط.

أغلق هاتفي، فأقف ثابتاً كالجبل.

كانت حروفك تجيبني بألا رجلاً اقترب منك وألا رجلا سيقترب منك.

فأقول: وما أنا إذن؟!

كان شعرك الأسود وعاملة فلبينية تعتني به كما يعتني بي ليلي الطويل.

أختفي في غياباته.

أنظر إلى تموّجه.

أغرق في بحره.

أنغرس في صحرائه.

لا أنبت.

أموت في التربة.

أغلق هاتفي، فأولدُ جسدًا عارٍ في الليل.

كان نصف وجهكِ المشرق يطلّ عليّ ويمرّ سريعًا، لا أتذكّر منه إلا نوره. يمرّ مرور سرب حمام عابرٍ على بقعة ماءٍ خلّفتها إحدى شاحنات تعبئة الماء للبيوت.

أغرق في بقعة ماء.

أطير وألامس الغيم وأسقط.

أغلق هاتفي، فأنهض جسداً لا روحًا وقلبًا.

كانت حروفك تجيبني بألا رجل قادر على وصالك. وأن كل رجل طامع في ظلالك.

فأقول: وما أنا إذن؟!

صرتُ أحلم…

صوتك يتدفق همساً في أذنيّ…

كفّك تعانق كفّي…

خصلات شعرك المتموّجة المتمردة من شالك الحريري الشفاف…

وجهك الضبابيّ يبتسم…

وكان جسدك لهبًا، يرقص في حلمي كشعلة تركت دفأها يسري في جسدي.

كانت حروفك تجيبني بأني أول رجل يقدر على وصالك.

فأقول: إذن موعدنا الليلة؟

الثامنة؟

قهوة؟

وها أنتِ تقفين أمامي.

أجمع أجزاءكِ.

لا أعرفكِ.

أعيد تشكيل اللوحة.

لا أعرفكِ.

لا أعرفني.

فتنكسر صورةً كنت أرسمها منذ أسابيع.

يضيق صدري…

أغادر المقهى…

أغادر البلاد…

أسافر…

أطير…

نحو الغيم…

نحو الضباب…

نحو العدم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى