تدوينات

سردية موت عبّاد الشمس

لأن زهرة عبّاد الشمس في العادة لا ترتبط بالحزن ولا بالموت

في العادة لا أكتب عن ذاك الخفيّ المُخيف.

أثناء رحلة القطار، الأحساء إلى الرياض، بعد عزاء جدّتي، بدأتُ قراءة رواية أجّلتها من شهر. كان أول مشهد لامرأة فقدت أمها، أو “الجدّة” للبنت والشاب اللذان ظهرا في الفصل الثاني. قلت: “حسنًا مصادفة.”

وصلت الرياض، دخلت غرفتي، زهرة عبّاد الشمس ميّتة…

منظر الزهرة الميّتة ذكّرتني بجولة قمت بها رفقة صديقٍ لي قبل ثلاث سنوات في الأحساء بين النخيل، وكان هنالك حقل أزهار عبّاد شمس جميعها ميّتة، منكّسة الرؤوس إلى الأسفل.

أول ما تبادر إلى ذهني غياب موت زهرة عبّاد الشمس عن السردية الأدبية. لطالما ارتبطتْ بالحياة والشمس والنور. هنا ضحكت عندما رحت أتذكّر الأدب الذي تغصّ به المكتبات ويحصد الجوائز. تذكّرت الجاحظ:

“المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي، والبدوي والقروي، والقاصي والداني، وإنما الشأن في إقامة الوزن، وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء، وفي صحة الطبع وجودة السبك”

ثارت بي الحماسة وتذكّرت المعرّي:

“وإنّي وإن كنت الأخيرَ زمانُهُ
لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائل”

خرجت إلى مقهى قريب مسرعًا حتى أكتب سردية جديدة تُنقذ الأدب من تكرار نفسه. لكن ما إن وجدتُ عجلة سيّارتي ذائبة على الاسفلت، أدركت أن في الحياة ما هو أكثر أهمية.

*الصور من الجولة، 1 يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى